في محكمة لامرئيي ثورة الابتسامة

par Ghania Mouffok

(texte reproduit avec l’aimable autorisation de l’auteure et traduit par Salah Badis)

عندما ذهبت لمحكمة الجزائر عبان رمضان، لرؤية عائلات المتظاهرين الموقوفين عن قرب، قبل وخلال وبعد الجمعة الثامنة للمظاهرات، في سياق ثورة من أجل المواطنة، تبنّاها القضاة والمحامون والصحفيون ومناضلو حقوق الإنسان، كل هؤلاء الذين تسابقوا لملاقاة « الشعب الرائع »، لم أتصوّر للحظة أنني سأجد هذا « الشعب » وحيدًا.
كان مركونًا خلف الحواجز، خلف المحكمة من جهة المستودع، وكان ينتظر، عيونه معلّقة بشاحنات الشرطة التي جلبت المحبوسين للمثول أمام وكيل الجمهورية. كان هذا يوم الاثنين، 15 أفريل، يوم الجلسة.
أغلبية « الشعب » أمهات، ماكثات في البيت أو عاملات نظافة، حزينات كالعادة أمام المحاكم، تماما مثل أمهات المختفين البارحة، مثل أمهات ضحايا الإرهاب، كُنَّ يكتشفن جغرافيا جديدة للعالم عبر رحلتهن في العالم المظلم للآلة البوليسية القضائية، ترافقهن بناتهن وعربات الأطفال. وإذا كان الآباء أكثر هدوءًا، الإخوة كانوا هناك، إخوة القلب، أو الدم، كثيرون كانوا يبحثون عن جار العمر والعشير الذي اعتُقِلْ. فكّرت في إيجاد الصحافيين، الكاميرات، السيلفيهات، الأعلام مثلما رأيتها أمام البريد المركزي، لكني كُنت مخطئة، لم أجِد سوى صمت خمسين شخصًا يتهامسون، مذهولين كليا. هل ما يحدث هنا كان خارج حراك 22 فيفري؟ أعتقد نعم، كان الأمر كأن المسألة خاصة ولا تعني غيرهم، سيدات عائلات في ظروف صعبة بين أطفال « منحرفين » والعدالة.
لم أفهم بسرعة ماذا كُنّ ينتظرن، في وقفتهم تلك بينما يراقبهم رجال الشرطة بالزي الأزرق أو بالملابس المدنية، يضعون أقنعة مرحٍ كاذب، يراقبونهم عن كُثب، ويردّدون عليهن، كلما حاولن الاقتراب، وهم يدفعونهن : « ما تتقلقوش، اللي مادارو والو نطلقوهم ». يا له من اعتراف ، يعني هنالك ناس لم يقوموا بشيء ورغم ذلك اعتُقِلوا؛ وأولئك الذين لن يُطلق سراحهم، من سيحكم بما فعلوا؟ لم أشك هنا أيضًا، لأي درجة ستشرح لي هذه التفرقة، التي يروِّجُ لها رجال الشرطة بطريقتهم المُطَمْئِنَة، غياب التضامن مع هؤلاء الجزائريين الذي اصطيدوا خلال المسيرات.
ما كان هؤلاء اللامرئيون في انتظاره، هو وصول شاحنات الشرطة البيضاء التي كانوا يأملون أن يروا ابنهم أو أخاهم أو صديقهم الذي اعتُقِلَ يوم الجمعة ينزل منها. بعضهم ظلّ من دون أخبار عن قريبه أو ابنه حتى أربعة أيام بعد الجمعة، أبدية كاملة. حسب القانون، فإن فترة تحت النظر تدوم 48 ساعة فقط، ولا يمكن إطالتها سوى من طرف ضابط شرطة قضائية ومشاورة وكيل الجمهورية، لكن من يهتم بالقانون؟ لم يعرفوا أصلا إذا ما كان أبنائهم سيمثلون أمام وكيل الجمهورية اليوم أو غدًا.

« نحب نشوف وليدي يخرج. »

« بزاف، سرقوا لنا ولادنا. علاش يديرولنا هكا؟ جرحونا، قتلونا ». في البداية كانت هنالك امرأة عزباء، 37 سنة، تعمل في مركز اتصالات، تردّدت في الحديث معي، لم تفهم بالضبط من أكون ولا ماذا أريد، صحافية بدون كاميرا ولا هاتف ذكي، لازال هذا النوع موجودًا؟ لكن الحزن عمومًا ليس ثرثار. نعيمة كانت تبحث بعينيها عن « خويا الصغير، قلبي ». مثل كل الأشخاص الحاضرين، نعيمة لم تقم بشيء سوى البحث عن أخيها منذ أن تمّ إيقافه، قبل ثلاثة أيام. في البداية بحثت عن مركز الشرطة الذي « رُمِيَ » فيه، من دون حق، كان يجب إيجاد واسطة، « تعرفي البلاد هذي، كلش بالمعرفة » حتى تحصل على مكانه بالتحديد وحق الزيارة. اللقاء كان مُريعًا: « عندما رأى والدتي قال لي: علاش جبتيها؟ لم يكن يريد أن تراه في تلك الحالة، ثم صمَت، كان مكسورًا. » تلك الأمهات المفجوعات من كثرة حبّهن لأولادهن، على شفا حفرة من الانهيار العصبي، كُنّ يصلين، يُمنّين أنفسهن، لا يأكلن ولا يشربن، لا ينَمن، يبكينَ، مريضات بالسُكّري، بالضغط، يُعانين، منظرهم رهيب، « حبوا يخرجوا لنا قلبنا ». الأخ الصغير يبلغ من العمر 24 سنة، بطّال رغم أنه يملك « حرفة بين يديه »، أوقِفَ على مستوى تيليملي قبل أن تبدأ المظاهرة حتى، فتّشوه، ثم أوقفوه. لسوء حظه، نسى، الغبي، قطعة زطلة صغيرة في جيوبه، « لكنه ليس بلطجيا، أنا الذي أدفع له سجائره حتى لا يتسكع في الشارع ». يا للحزن، هو الذي « لا يعرف شيئًا عن الحياة »، يُمكن أن يُحبَس حتى سنتين لأجل غبرة مُتعة إذا ما قدّرت العدالة بأنه « فعلها ». كل قصة تختلف عن سابقتها لكنهنّ جميعًا يحكين نفس تجربة العشوائية وقلّة الحيلة، إحدى الأمهات تقول لي: « ما على بالي بوالو ضرك، في راسي، ضرك، راني حابة نشوف وليدي يخرج ».

« القوائم ليست حاضرة بعد. »

يسمعون بالخبر عن طريق أصدقاء الحومة، « ولدك شدوه »، ولا واحدة منهن كانت مُحضّرة لهذا « ما نعرفو والو على الحكايات هذو ». ليست عندهم أدنى معلومة عن مكان الاعتقال، الشيء الوحيد الذي يعرفونه هو أن الهواتف لم تعد تُجيب. قانونيًا، الأشخاص الموقوفون لهم الحق في اتصال هاتفي، وذلك لإخبار العائلة، كما لهم الحق في زيارة طبية، لعل وعسى، حق مهضوم لأنه وعلى ما يبدو أن أول شيء يقوم به رجال الشرطة في المراكز هو سلبهم إياه. شهاداتهم تُخبرنا عن حجم الاعتقالات، رسميًا، قالوا أنهم وصلوا لـ 180 موقوف، لكن أمام كل هذه الشهادات، ليس مستبعدًا أن يكونوا أكبر بكثير. من الكافينياك إلى المركز الثامن بباب الواد فالخامس إلخ… رجال الشرطة فاض بهم الكيل، مراكز شرطة العاصمة امتلأت، حتى يبدو أنهم ما عادوا عارفين وين يحطو الناس هذي الكل، ورغم أن بعضهم أوقِفوا في وسط الجزائر إلا أنهم يجدون نفسهم في عين طاية أو زرالدة حيث يستقبلون لكنهم لا يُعرّفون، « القوائم ليست حاضرة بعد ».
تُخبرني إحدى الأمهات، بأنه وبفضل « المعرفة » تمكّنت من رؤية بِكرها، 24 سنة حتى هو، يعمل في ورشة خياطة، جاءت من ضاحية هراوة، أقفوه على الطريق السريع، بعد المظاهرة، من طرف الـ BRI، يا لسوء حظ من وقعوا بين أيديهم: « عينيه منفخين، ضربوه، وكراعه ما على باليش واش صرالها، ما كانش قادر يمشي، صدره تاني، ما كانش قادر يتنفس » حتى تُثبت بأنه ليس بلطجيا، جاءت بكشفِ رابته الشهري، رفضوا أخذه. « الله يحفظنا. »
ابن المرأة الأخرى التي جاءت من بير خادم لا يتجاوز الـ 18 سنة، يعمل هو أيضًا في ورشة بوسط الجزائر، حتى يوم الجمعة، وكان قد خرج في تيليملي لأجل الغداء مع العامل الثاني، جبلي يعيش في الورشة ولا يعود لمنطقة القبائل سوى مرّات قليلة في السنة، عندما أرادت الشرطة توقيفه، قاوَم وأراد الدفاع عن نفسه، لكنهم أخذوه. « حقارين، البوليس، تقول لي المرأة، اللي يسكروا ويغطوا وجوههم ما يدوهمش، يدوا غير الضعاف. كي شفتو، المورال طاح له، دقيقة برك، وكي حب يهدر معايا، البوليسي قال له، بلّع، لو كان ما درت والو ما راكش هنا. واش دار وليدي؟ »
« وليدي خرج باش يتظاهر، ما نكذبوش على ربي، على خاطر حنا رانا ضد النظام هذا، خرجنا ونزيدو نخرجو، بصّح راني خايفة، يلصقوا له قضية، لو كان يشارعوه على خاطر مشى، ما نخافش. » تسكن في بير توتة، هي تاني ولدها عنده 24 سنة وبطّال، قام بدورات تكوينية لكنه لم يؤدي الخدمة الوطنية، كان من المفترض أن يدخل في نهاية اليوم مع صديق يملك دراجة نارية، تم اعتقالهم، لم تكن بحوزته أوراقه الشخصية. « لا يوجد لهؤلاء الشباب وزيد فوق هذا يرموهم في الحبس. ما شفناش المحضر، ما على بالنا بوالو، لازمنا نديرو محامي، واش نقدرو نديرو؟ »
أغلب هؤلاء الذين صاروا لا مرئيين هم بطّالون، بائعو بَسطات، زوافرة، عمال في النقل، وصغار في السن، يأتون من الضواحي، بير توتة، حجوط، تيبازة، زرالدة، باش جراح، عين بنيان. غير الزوالية، تقول لي إحدى الأمهات –عاملة نظافة من بير توتة، « حبّست الخدمة، وما حبّستش البكا، ولدي صغير، ما عندوش 24 سنة، ويخدم روسوفور، شدوه ف الغروند بوست، بصّح قال لي بلّي ما دار والو، وراني نستنى إذا يطلقوه ولا لا، ما على بالي بوالو، راني نستنى. »
التقيت أيضًا بأخ أكبر موقوف، عمره 40 سنة. عسكري سابق، بعد 20 سنة خدمة، استقال بسبب اكتئاب شديد أصابه، « راهو مريض » يقول الأخ وعندما بدأت الشرطة بضرب الشعب في البريد المركزي، ضربوه هو أيضًا عدّة مرات على رأسه، عندما رأيته، وجدتُ حدبةً حمراء كبيرة على رأسه، هو أيضًا دافع عن نفسه وضرب. » وهذا ما تسميه رواية الشرطة « تُهمة ». وعندما أسألهم إذا ما فكروا في الاتصال بمحامٍ، يجيبون باضطراب: « علاش، ما قالوا لنا والو »، أو « علاش، ما داروا والو، دوك يطلقوهم » وهنالك أيضًا: « بواش تحبي ناخد محامي، باش يوقف مرة وحدة ويقولي أعطيني خمس ملاين، منين نجيبلو الدراهم؟ »
من الفجر وحتى الثانية زوالا، لا يتحركون، ينتظرون أن تُفتَح الجلسة، هذا إذا ما فُتِحتْ.

« الحاضر. »

نقص التضامن الذي وجدته، عزلة هذه الطبقات الاجتماعية التي « إذا تغداو ما يتعشّاوش »، الطبقات المُقصاة اقتصاديا واجتماعيا والمتروكة اليوم وحدها للعدالة والشرطة، في حين أننا اليوم وأكثر من أي وقت مضى نحن نُحارب نظامًا استبداديًا أسلحته الأساسية هي العدالة والشرطة، كل هذا يساهم في إقصاء آخر: إقصاءهم من التمثيل السياسي. مثل سلبٍ لدورهم كممثلين من طرف الطبقات الاجتماعية المُهَيمنة والتي تطمح لقيادة هذا الحراك، ناسيةً أنهم هم من يمثلون « أكبر جزء من الجزائر »، هم من منحوا الحراك قوته، ولغته الثورية، أهازيجهم وأغانيهم المقاوماتية التي صنعوها في ملاعبهم وشعاراتهم، يتنحاو قاع، العصابة، لا كازا دال المرادية، الحرية ما تخوفناش، ما كانش الخامسة، وهم من فتحوا لنا أبواب المدينة مثل كباش تتقدّمنا، والتي دلَفت عبرها الطبقات المُهيمنة عبر عاداتها وعبر « خارطة طريقها » التي لا ترسم سوى مشروع التفاف الطبقات المُهيمنة.
كي تقتنع، يكفي أن تشاهد وصول الموقوفين، صغار في العمر يا الرب، صغار وشابّين، لكنهم في حالة يرثى لها. هالات سوداء تحت عيونهم، منهكون، لا يقفون بفخر على دكة المتهمين. رؤوسهم منكسة، يشعرون بالعار، لا يبتسمون حتى لأمهاتهم اللواتي يتحاشين النظر نحوهن، الأمهات اللواتي تبكين. لا يمسحون القاعة بعيونهم حتى. الأيام الأربعة تحت النظر كانت كافية، أطعموهم خبزًا وسلطة، أطعموهم احتقارا، إهانة، حتى يُحوّلوا أجسادهم الماشِية إلى أجساد مكسورة.
مطحونون، لن يكون لهم صوت، فقط ذلك الذي يستعملونه ليجيبوا على نداء اسمهم: « حاضر ».
على قد ما الانتظار كان طويل، على قد ما الجلسة كانت مستعجلة. العدالة التي تحكم باسم الشعب وفي حضور العام والخاص لا يُمكننا سماعها، لا يوجد ميكروفون أمام القاضية ومن الكراسي لا يمكننا سماع شيء. كأننا نحضر لجلسة خاصة ومُشفّرة بين القاضية والأربع محاميين الذين جاؤوا للدفاع عن أربع موقوفين، رغم أن العدد الكلي في تلك الجلسة كان 19.
نفهم بالتقريب أن أولئك الذين « ما دارو والو » سيُطلق سراحهم مع نهاية الجلسة، من دون قراءة الأسماء، لكن بالمقابل من سيسمعون أسماءهم، والذين « بَلاك كاش ما دارو »، ستؤجل جلستهم حتى 29 أفريل، وأنهم بدءًا من هذه الليلة، حاملين لأمر بالحبس، سيقضون ليلتهم الأولى في السجن الحقيقي. « روحي اشري له سندويتش، تقول محامية هامسة لنعيمة، التي تنفذ الأمر مثل جندي صغير. تنهار إحدى الأمهات مُحدثة ضجة في القاعة، تسقط، فيستعجلها شرطي حتى تقوم وهو يطلب من الجميع إخلاء القاعة. الأمهات الفرحات يُطلقن الزغاريد، أوف، العدالة أكّدت أن أولادهن ليسوا « عرايا ». أما البقية، فالكابوس يتواصل، لكن وباسم الرب، كيف نفعل الآن حتى نحصل على محامي؟ يطلب صديق الذي « ما دار والو، نحلف لك بلي ما دار والو، كان رافد حطبة في حديدة صغيرة، حطبة علّق فيها علم دزاير، هذا واش كان عنده، أنا كنت حاضر ». أمام هذه العدالة الاستعجالية والمرافعة السريعة، ما تجي تفهم حتى يكون راح الوقت. محامية تُكلم عائلات فقدوا البوصلة، وتشرح لنا جميعًا ما حصل أمامنا، « القاضية كانت رحيمة، لأنها وبتأجيل النظر في القضايا الآن ربما تكون قد أنقذتهم، فبعد 15 يوم يُمكنها ربما أن تقول بأنهم قد دفعوا الثمن ويمكنهم أن يصيروا أحرار. » ربما لا. هل كان يجب إرسالهم السجن من أجل طرف زطلة صغير، من أجل حطبة، من أجل بطاقة تعريف ظلّت في البيت كأنهم مجرمون؟ تأجلت قضيتهم حتى 29 أفريل، الآخرون، ومن بين 82 شخص سمعه وكيل الجمهورية، ينقسمون إلى قسمين، أحدهم أطلق سراحه من طرف القاضية والآخر غائب عن الجلسة، أرسلوه بعد وكيل الجمهورية إلى السجن والإصلاحية حتى يُحقّق معهم، هؤلاء معرضون للسجن بنسبة أكبر، لأن أدلّة « صريحة » وُجِدت عندهم، مثل فيديو يُثبت تورطهم في أعمال عُنف، هؤلاء « فعلوها » دون أدنى شك.
عمليات التوقيف هذه، والتي ليست مدعومة سياسيًا من طرف الحراك الذي يظن كل هؤلاء الشباب أنهم ينتمون إليه، هي عمليات مُدمّرة لهم، وتُساهم في تحطيمهم، عدم فهم هذا الشيء يجعل من كل الذين يدعون ممارسة السياسة ومحاربة النظام غير مؤهلين.
عندما تدافع رابطة حقوق إنسان ومعارضون سياسيون ومناضلون مشهرون والصحافة عن الطلبة ويعترضون على العنف الممارس على بعض النشطاء إلخ في حين يصمتون عن هذه التجاوزات الهائلة في حق شباب الأحياء الشعبية، والضواحي، البطالين، هم الذين يرددون أن « الحراك يندد بالعنف »، في حين أنهم غير مؤهلون للحديث باسمه، هم يتركون في الحقيقة للعدالة والشرطة مهمة تعريف هذا العُنف، وما هو عنف وما هو لا. خطاب الحراك الذي لا يرى سوى وجهه في مرآته السلمية، هو يحكم على هؤلاء الشباب المتظاهرين الذين يتجاهل ويتعامى عن رؤية ما يحدث بينهم وبين قوات القمع التي يستعمل ويستعيد لغتها، وهو ما يعادل المشاركة في القمع لجزء من المتظاهرين والحُكم عليهم دون مساءلة سياسية لظروف صعود العنف ولا للتعريف الذاتي للعنف. هذا الخطاب الأخلاقي واللاسياسي، يعرّف مدرستين للمناضلين، أولئك الذين لهم الحق في تضامننا وأولئك الذين لا حق لهم سوى « العدالة » بدون محامي. ليس لأي أحد الحق في القول من هو متهم ومن هو بريء ولكن الحراك الذي يطمح للتغيير عليه أن يُساءل الظروف التي يتم إيقاف « متظاهريه » فيها والظروف التي يُحاكمون فيها. منذ متى هنالك عدالة في الجزائر؟ هذا الخطاب ينزع الشرعية عن النضالات الشعبية وينزع عنها صفة الإنسانية، يجعلها غير مرئية وينزع عن « الشعب » دوره في الحراك، حتى لو كنا نحب قوته ودفعه له. ماذا يُمكن لهذا الخطاب أن يقول إذا كان لا يتضامن مع المطحونين والمقهورين سياسيا واجتماعيا، الذين لا يملكون كشف راتب شهري، لا حزب، لا كتف، والذين تُسميهم أمهاتهم « الشعب الرقيق »؟ تغيير كل شيء حتى لا يتغير أي شيء، بالنسبة لـ »لعرايا » الذين يُفسدون صورة « ثورة الابتسامة »، كما يقول الجُهّال؟ أين هي الابتسامة؟

Vidéo by Diaz – Freestyle Chapitre I – #Ga3

Show CommentsClose Comments

Leave a comment